التلفاز وعملية التنشئة الاجتماعية
يمضي الاطفال وقتا طويلا أمام جهاز التلفزيون، سواء أكان الجهاز موضوعا في غرفة الجلوس أم غرفة الالعاب والتسلية وفي بعض الاسر الميسورة قد يوجد في المنزل الواحد ثلاثة اجهزة أو اكثر، وثمة دراسات تفيد ان الاطفال يمضون قدرا من الوقت امام شاشة التلفزيون يزيد عن الوقت الذي يمضونه على مقاعد الدراسة أو في الحديث مع آبائهم.
ومن الواضح ان التلفاز وسيلة تحظى بقدر من الاهتمام في الوقت الحالي وذلك لانه يمارس تأثيرا قويا، ومتعدد الجوانب على الاطفال، حيث يؤثر على عادات وسلوك ومزاج وهوايات الاطفال كما يؤثر على علاقة الاطفال بأسرهم ومدارسهم وزملائهم، ويؤثر ايضا على أفكار الاطفال ومفاهيمهم وقيمهم وتصوراتهم ومعارفهم ومعلوماتهم. كما يعد التلفاز عاملا مهما في تنمية وتطوير الطفل وتأهيله اجتماعيا وهو وسيلة مهمة لأنه يخاطب عقول الجماهير، وعواطفهم وفي تشكيل اتجاهات الرأي العام، لأنه يعتمد على الحوار والمناقشة والاقناع، كما يعرض من خلاله جملة من المعلومات والحقائق تتصف بالأمانة والموضوعية في كثير من الاحيان، ويعد التلفاز من معجزات العصر الحالي.لأنه يتدخل بقوة في عمليات التثقيف والتوجيه والتوعية من خلال ما يقدمه من برامج، تؤدي الى الوصول للهدف المنشود، ويستطيع ان يقدم معلومات في كل المجالات الثقافية والاجتماعية والسياسية ولكن قد يكون التلفاز وسيلة تدفع المشاهدين الى الخمول وعدم المشاركة والابداع وقد تؤدي بهم الى عادة التلقي السلبي، اذ ان بعض الافراد يحاولون الانسلاخ الثقافي عن التراث الاصلي وذلك نتيجة متابعة مواد وبرامج مستوردة فيعرض التلفاز جولات ومناظر للدول الاوروبية ويتحدث عن حضارتهم وتقدمهم وعن رحلاتهم داخل اراضيهم بينما اذا نظرنا حولنا لوجدنا الكثير من الاراضي العربية الجميلة والحضارة العربية الاصيلة وما بين ايدينا يمكننا القيام بكثير من البرامج وتنظيم الكثير من الرحلات داخل الاراضي العربية للتعرف عليها، لقد لاحظت ان تلك البرامج الوثائقية تشد انتباه الاطفال وتجذبهم للمتابعة والجلوس الطويل أمام التلفاز ساعات وساعات دون ملل أو الشعور بالواجب المدرسي وقد لوحظ في احدى الدراسات بانه بقدر تزايد ساعات المشاهدة ينخفض مستوى الذكاء في حين يتعمق من الناحية العاطفية وايضا اثبتت الدراسة بأن 6،37% من الاطفال ينجزون واجباتهم بشكل متقطع بسبب برامج التلفزيون الامر الذي يؤثرسلبا على دراستهم ونتائجهم، وهنا لابد ايضا من تدخل الاسرة والسماح لأطفالهم بالمشاهدة ولكن ضمن حدود وفترات مخصصة لهم ايضا لابد ان تعرض البرامج في ساعات مبكرة وبشكل يتناسب مع الاطفال لكي يكون تأثير التلفاز ايجابيا لابد من عرض برامج تتناسب مع متطلبات التربية والتنشئة الاجتماعية، فالاسرة تمارس دورها في عملية تنظيم مشاهدة اطفالها لبرامج التلفزيون وعدم منعهم منعا باتا أي لابد من الحكمة والحل الوسط في هذه الامور لكي لا تتولد صراعات في نفوس الاطفال قد تؤدي الى الكراهية والبغضاء، في الحقيقة يتمتع التلفاز بقدرة فائقة على شد الاطفال اليه، ولذلك لا مانع من ان يقضي الاطفال ساعات الفراغ في مشاهدة برامجهم المحببة لاشباع حاجاتهم وتحقيق رغباتهم واحلامهم من خلال المشاهدة لانهم لا يستطيعون تحقيقها على أرض الواقع.